الحرب الأميركية الناعمة ضد محور المقاومة الأهداف والغايات نسيب حطيط
بعد هزيمة المشروع الأميركي ميدانياً، نتيجة تضحيات وصمود محور المقاومة، وتصحُّر النفوذ الأميركي في المنطقة، وانكسار الهيبة الأميركية، وقلة الثقة بها من حلفائها بالقدرة على نصرتهم وحمايتهم، أو حتى عدم مقايضة مصالحها بالتخلي عنهم، بدأت الإدارة الأميركية بشنّ هجوم جديد على محور المقاومة على كل الجبهات، لكن بوسائل ناعمة تمهّد لضربات خشنة وحارة.. وتتمثل تلك "النعومة" بالحصار الاقتصادي، وتوصيف الكيانات والأفراد والشخصيات والأحزاب بصفة "الإرهاب"، ومحاولة بث التفرقة والفتن المذهبية والقومية، وصولاً إلى العبث داخل المذاهب، بل حتى داخل الأحزاب، ومحاولة إحداث نزاع بين حركات المقاومة والبيئة الحاضنة والولّادة للمقاومين.
لم تستثني أميركا أحداً من محور المقاومة، حتى الحليف الجديد للمقاومة (روسيا) من العقوبات الاقتصادية، أو العبث بالأمن عبر الجماعات التكفيرية، أو إلحاق الإهانة بالبعثات الدبلوماسية الروسية في أميركا، وتوزّعت الحرب الأميركية الجديدة ضد إيران بتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي، مع تأكيد وكالة الطاقة الذرية التزام إيران الجدي والمثالي بالاتفاق، ثم محاصرة الحرس الثوري اقتصادياً، والتهديد بتصفيته إرهابياً، ثم الانتقال إلى الساحة العراقية ومحاولة مشاغلة الدولة العراقية والحشد الشعبي والجيش بمشكلة انفصال كردستان كبديل عن هزيمة "داعش" في العراق، ثم تصنيف أبرز قادة الحشد الشعبي (أبو مهدي المهندس) بأنه إرهابي، مع الإبقاء على فتيل الفتنة المذهبية بين السُّنة والشيعة، وإصرارها في اليمن على مواصلة العدوان ضد الأبرياء، وتحشيد "القاعدة" والجماعات التكفيرية لتفتيت اليمن وإسقاطه، وصولاً إلى سورية وحماية "داعش" وتوزيع عناصرها على قوات "قسد" بين الأكراد والعرب، وكذلك "جبهة النُّصرة".
لكن أميركا تركّز بشكل أساس على هدف رئيسي تحمّله وزر ومسؤولية الهزيمة الأميركية منذ اجتياح العام 1982، وترحيل القوات المتعددة الجنسيات، خصوصاً "المارينز" الأميركي والمظليين الفرنسيين بعد التفجيرات التي تعرضت لهما قواعدهما في بيروت، حيث تحمّل أميركا المقاومة التي يقودها حزب الله في لبنان المسؤولية عما يلي:
1- هزيمة المشروع الصهيوني واندحار العدو "الإسرائيلي"، وتحرير الأراضي اللبنانية بدون شروط، وذلك في سابقة خطيرة على مستوى الصراع العربي - "الإسرائيلي".
2- هزيمة المشروع الأميركي في إسقاط سورية، نتيجة التدخُّل العسكري في سورية منذ بدايات الحرب العالمية (عسكرياً) على سورية منذ العام 2013، والذي ساهم في دعم الجيش السوري، بانتظار وصول بقية حلفاء سورية والقوات الرديفة.
3- إغلاق الحدود اللبنانية - السورية أمام المعارضة المسلَّحة السورية، وعدم استعمال الساحة اللبنانية الجاهزة سياسياً في معظمها لإطلاق النار على النظام والدولة السورية، سواء بالمجاهرة والدعم، أو التزام الصمت والحياد.
4- دعم الحشد الشعبي في العراق و"أنصار الله" في اليمن بالمستشارين والكوادر، ونقل الخبرات العسكرية المتراكمة، والتي كان لها دور مؤثّر، خصوصاً في بدايات المواجهة والتصدي للجماعات التكفيرية (داعش) وعدوان التحالف العربي على اليمن.
5- البدء بتجهيز جبهة الجولان وتوسعة جبهة المواجهة مع العدو "الإسرائيلي" عبر وحدة الجبهات (لبنان وسورية) في أي مواجهة مقبلة، مع توفُّر الدعم البشري من المقاتلين والمجاهدين من بقية دول محور المقاومة، والذين سيمثّلون إحتياطياً بشرياً كبيراً يمتلك الخبرات العسكرية اللازمة والعتاد.
الأميركيون والصهاينة يعتقدون أن لبنان شكّل منذ انتصار الثورة الإسلامية النافذة الإعلامية والعسكرية والعقائدية للثورة، وللعب دور أنبوب التهوئة والأوكسيجين للثورة المحاصَرة والمستنزَفة، ثم تحوّل إلى الذراع "العربية" للثورة في المنطقة العربية، والتي أقلقت الصهاينة والخليجيين، ورفعت عن إيران عبء المواجهة المباشرة مع السعودية وبعض دول الخليج، بالإضافة إلى التوازن الذي فرضته المقاومة عن العدو "الإسرائيلي"، والأمن الإيراني، وحماية الملف النووي بشكل غير مباشر، ولذلك ستستغل أميركا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمحاصرة وهزيمة المقاومة في لبنان.
وخلاصة الموقف الأميركي: لكي تنتصر على إيران.. لا بد من هزيمة حزب الله.
د. نسيب حطيط